بيان مجلس الشباب العربي الإفريقي بمناسبة يوم إفريقيا
يوم إفريقيا: تكريمٌ لإرث الوحدة والتحرر
في الخامس والعشرين من مايو من كل عام، تتوحد شعوب القارة الإفريقية للاحتفال بـ يوم إفريقيا، إحياءً لذكرى تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية في عام 1963. لقد شكّلت هذه المنظمة التاريخية حجر الأساس للتضامن بين الدول الإفريقية، وأسهمت بشكل حاسم في مسيرة التحرر والسيادة والتنمية المستدامة في القارة.
وفي هذه المناسبة المجيدة، نستحضر بفخر تضحيات الآباء المؤسسين للوحدة الإفريقية—أولئك القادة أصحاب الرؤية الذين اجتمعوا في مدينة الدار البيضاء خلال الفترة من 4 إلى 7 يناير 1961، استجابةً لنداء جلالة الملك محمد الخامس ملك المغرب في يناير 1960. لقد مهّدت بصيرتهم وشجاعتهم والتزامهم الطريق لتأسيس منظمة الوحدة الإفريقية، التي تطوّرت لاحقًا لتصبح الاتحاد الإفريقي كما نعرفه اليوم.
وقد جمع ذلك اللقاء التاريخي كوكبة من أبرز القادة في حركة التحرر والوحدة الإفريقية، ومن بينهم:
كوامي نكروما، رئيس وزراء غانا
موديبو كيتا، رئيس وزراء مالي
أحمد سيكو توري، رئيس غينيا-كوناكري
جمال عبد الناصر، رئيس جمهورية مصر
فرحات عباس، رئيس الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية
عبد القادر علام، ممثل الملك إدريس الأول ملك ليبيا
إن رؤيتهم الجماعية لا تزال تلهم الأجيال، بينما تمضي إفريقيا قدمًا بثقة وثبات نحو مستقبل من التكامل والسلام والازدهار.
وفاءً لإرثهم، نجدد عهدنا بمواصلة حلمهم في بناء إفريقيا موحدة، ذات سيادة، ومزدهرة.
على خُطى الآباء المؤسسين، يُجسّد فخامة الرئيس يويري موسيفيني، رئيس جمهورية أوغندا، نموذجًا راسخًا في الالتزام بالتضامن القاري، وتمكين الشباب، وتعزيز التكامل الإقليمي. وإذ نعرب عن بالغ امتناننا لرعايته الكريمة للمجلس الشبابي العربي الإفريقي، فإننا نثمّن عالياً قيادته المتميزة في دعم وحدة القارة الإفريقية. إن التزامه يُلهم الأجيال ويُعزز القناعة بأن مستقبل إفريقيا مرهون بشبابها وقوة التعاون الإفريقي البيني.
وفي هذه المناسبة، يُجدد المجلس الشبابي العربي الإفريقي بفخر التزامه تجاه إفريقيا، ويؤكد عزمه على المساهمة في بناء قارة موحدة، مستقرة وآمنة، ترتكز على العدالة والكرامة والتكامل.
ومع ذلك، لا يمكننا تجاهل الأزمات الحادة التي تعصف بالقارة، والتي تتطلب استجابة إفريقية عاجلة وشاملة:
السودان:
يعاني الشعب السوداني منذ أكثر من عام من كارثة إنسانية غير مسبوقة، بسبب نزاع مسلح عنيف بين أطراف وطنية. فقد الآلاف أرواحهم، وتعرض الملايين للنزوح، واقتربت مؤسسات الدولة والخدمات الأساسية من الانهيار الكامل. وإذ يُعرب المجلس عن تضامنه التام مع الشعب السوداني، فإنه يدعو كافة الفاعلين السياسيين والعسكريين إلى تغليب المصلحة الوطنية، والانخراط في الحوار، وتمكين المجتمع المدني—وخاصة الشباب والنساء—من لعب دور فاعل في صياغة عملية سياسية شاملة وسلمية.
جمهورية الكونغو الديمقراطية:
في شرق البلاد، تستمر النزاعات المسلحة في تدهور الأوضاع الأمنية والإنسانية، حيث تسبب في تهجير ملايين الأشخاص وتفاقم سبل العيش. نعرب عن بالغ القلق إزاء تصاعد التوترات الإثنية والسياسية، وندعو إلى تعبئة إقليمية وقارية حقيقية من أجل التوصل إلى حل سياسي شامل. كما نؤكد الدور الحيوي للشباب المحلي في جهود المصالحة والتنمية، باعتبارهم ضحايا وأدوات للتغيير في آنٍ معًا.
منطقة الساحل:
تشهد المنطقة تحولات جيوسياسية لافتة، من أبرزها تأسيس تحالف دول الساحل (AES) من قبل مالي وبوركينا فاسو والنيجر، بهدف إعادة صياغة العلاقات الإقليمية والدولية على أساس السيادة الكاملة والتعاون المتوازن. وإذ يُدرك المجلس هذه الديناميات الجديدة، فإنه يشدد على أهمية الإرادة الإفريقية الموحدة في دعم الاستقرار، ومكافحة الإرهاب، وتحقيق التنمية المستدامة.
كما نؤكد أهمية تعزيز التكامل بين دول الساحل وبقية إفريقيا، من خلال التعاون جنوب-جنوب، ومقاربات شاملة تأخذ في الاعتبار الأبعاد الأمنية والاقتصادية والاجتماعية. وفي هذا الإطار، نُشيد بدور المملكة المغربية وعدد من الدول الإفريقية الأخرى في دعم جهود التنمية والاستقرار في الساحل، عبر شراكات استراتيجية، ومبادرات ميدانية، وبرامج لبناء قدرات الشباب.
إن احترام السيادة وسلامة الأراضي يظل ركيزة أساسية للسلام والتنمية والثقة المتبادلة بين شعوب إفريقيا.
ليبيا:
نُجدد دعمنا الثابت للجهود الرامية إلى استعادة السلام والاستقرار في ليبيا، باعتبار أن حل الأزمة الليبية أمر حيوي للأمن الإقليمي والتكامل القاري. وندعو إلى حوار وطني شامل، واحترام سيادة ليبيا ووحدتها، والمضي في عملية سياسية سلمية يقودها الليبيون أنفسهم، بدعم من الاتحاد الإفريقي والشركاء الدوليين.
التعاون في حوض النيل:
في يوم إفريقيا، نُشدد على الأهمية القصوى للتعاون والحوار بين دول حوض النيل لضمان إدارة عادلة ومستدامة لمياه النهر. فالمياه يجب أن تبقى مصدرًا للوحدة وأساسًا للتنمية المشتركة، لا سببًا للانقسام. وندعو جميع الدول المعنية إلى التمسك بالتضامن الإفريقي، والانخراط في حوار بنّاء يُراعي حقوق وتطلعات كافة الشعوب المطلة على النيل.
الشباب الإفريقي: قوة القارة ومحرك نهضتها
يشكّل الشباب أكثر من 60% من سكان إفريقيا، وهم ثروة ديمغرافية واستراتيجية لا تُقدّر بثمن لمسار التحول في القارة. ومن هنا، يدعو المجلس الشبابي العربي الإفريقي إلى التمكين السياسي والاقتصادي الكامل للشباب الإفريقي، وضمان مشاركتهم الفاعلة في صناعة السياسات وبرامج التنمية المستدامة كشركاء أساسيين.
نؤمن بأن مستقبل إفريقيا يرتكز على إطلاق طاقات شبابها عبر التعليم، والبحث العلمي، والابتكار، والتحول الرقمي، وريادة الأعمال. كما أن إشراكهم في صنع القرار على كافة المستويات ضروري لبناء إفريقيا جديدة.
نحو مبادرات إفريقية للتكامل والوحدة
يدعم المجلس مبادرات واعدة مثل مبادرة الأطلسي، التي تهدف إلى منح الدول الإفريقية غير الساحلية منفذًا إلى المحيط الأطلسي. وتُجسّد هذه المبادرة روح التكامل الإفريقي، وتفتح آفاقًا جديدة أمام الشباب في مجالات الاقتصاد الأزرق، والنقل، والتجارة، والتعليم البحري.
إن أجندة إفريقيا 2063 لن تتحقق إلا بإرادة إفريقية صادقة، يكون فيها الشباب في قلبها وعمودها الفقري، ويكون التعاون الإفريقي-الإفريقي هو الأساس لمستقبل مشترك ومزدهر.
عاشت إفريقيا موحدة ومزدهرة، تنهض بشبابها!
صدر في كمبالا
التاريخ: 25 مايو 2025
المجلس الشبابي العربي الإفريقي